الحمد لله كل الحمد لله تبارك وتعالى احمد سبحانه واشهدا أن الإله إلا الله هو ولى النعمة ومصدر الرحمة: (إن رحمة الله قريب من المحسنين) الأعراف 56
واشهد أن سيدنا محمدا رسول الله نبي الرحمة وقائد الملحمة : (وما أرسلناك ألا رحمة للعالمين ) الأنبياء 107 .
أصلى واسلم على جميع أنبياء الله وعلى خاتمهم سيدنا محمد وعلى اله وأصحابه وأتباعه وأحبابه ومن دعا بدعوته بإحسان إلى يوم الدين أما بعد :
فيقول الله تبارك وتعالى :(واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألّف قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا) آل عمران 103
أيها المسلمون :
إن أقوى عامل على تقدم الأمة ونهضتها وخير سبيل لعلو شانها ورفع منارها وبلوغها ذروة المجد والشرف هو اتحاد القلوب وتضافر الجهود وجميع الكلمة فالاتحاد أساس كل خير وسعادة وعماد الرقي والسيادة فكم به عمرت بلاد وسادت عباد ومنازل قوم نصبيهم من رغد العيش والهناء ولا فاز شعب من الشعوب بحظه الوافر من الراحة وسلم من الغناء إلا بالتالف والتناصر والتعاون والتضامن وما حظيت أمة بما تأمله وترتجيه إلا بجمع شملها وتوحيد صفوفها وسعيها الدائب إلى كل ما يجلب لها الخير ويحقق لها الخير والرخاء ويدفع عنها شر الأعداء فبالاتحاد وتقوى الشوكة وتتم النعمة ونومن الغوائل ويكثر التواصل وتنال المآرب لهذا كله حث الإسلام على الاتحاد ورغب فيه لما يترتب عليه من جليل المنافع وعظيم الفوائد فالله عز وجل يأمر بالاتحاد والتضامن تحت راية القران وإن نكون جميعا كتلة متماسكة وقلبا واحدا ويدا واحدة تسير على هدية وتستضيء بضوئه بحيث لا تصدر ألاعن حكمه النفسية وتوجيهاته الرشيدة وتعاليمه السامية وإرشاداته الحكيمة وتوجيهاته الرشيدة وان نكون دعاة إصلاح وسلام فرقة وخصام أليس جميع المسلمين كأجسام الواحد كل فرد منهم كعضو من أعضاء الجسم يألم الكل لألم البعض ويألم البعض لألم الكل0
ولذلكم روى مسلم في صحيحة أن رسول الله قال: ( المؤمنون كرجل إذ اشتكى عينه اشتكى كله وإذا اشتكى رأسه اشتكى كله )0
وإذا كان كذلك فواجب على الفرد أن يسعى لمصلحة الكل لما يعود عليهم بالخير والسعادة وواجب على الكل أن يسعوا في مصلحة الفرد ألانه عضو من أعضائهم قال تعالى : (إنما المؤمنون أخوه فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون ) الحجرات 10 0
ولا ريب أن معنى الأخوة لا يتحقق فيهم ولا يؤتي ثمراته المرجوة إلا بتكليف الجميع وتضامنه في تنفيذ كل عمل مفيد وشعور كل فرد منهم بأنه عضو من جسم أمته ووطنه عليه واجب يؤديه وله وظيفة يقوم بها المجموع بأمانة وإخلاص 0
عن أبي موسى الأشعري أنه قال : قال رسول الله : ( المؤمن كالمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا) حديث حسن رواه البخاري 0
وعن النعمان بن بشير أنه قال : قال رسول الله ( ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) رواه البخاري 0
أيها المسلمون :
لقد أنشأ النبي العربي على الوحدة خير أمة أخرجت للنا جمعها حول اله واحد وكتاب واحد وقبلة واحدة وصدق الله إذ يقول " إنّ هذه أمتكم أمة واحدة وأنا رَبُّكُم فاعبُدُون " الأنبياء 92 0
ويقول جل شأنه " وإنّ هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتّقون " المؤمنون 52 0
والأمة التي يبلغ الإحساس من مشاعر أفرادها إلى هذا الحد أو يلتقي إحساسها على هذه الواحدة تكون على همة عالية وشيم سامية ، وإقدام يسوقها إلى ما قدر لها في هذا الوجود من حرية وسيادة وعزة وكرامة : " ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين " المنافقون 8
وقد اثر عن الإمام محمد عبه أنه قال : إذا أحسست من أمة ميلا للوحدة فبشرها إلى ما أعد الله لها من مكنون غيبه من السيادة العليا 0
أيها الأخوة المسلمون :
لقد دعى المولى عز وجل على ألسنة الأنبياء والمرسلين إلى لم الشمل ، كما شمل الشعوب في إطار واحد لكي نحافظ على كيانها وأمتها وحريتها واستقلالها ، فلاتحاد قوة معنوية تفوق كل قوة مادية " مع الأخذ بالأسباب " ومن مقتضياته ، تعاون الجميع على العمل على المصلحة العامة التي تعود على المجتمع بالنفع العميم والخير العظيم قال تعالى : " وتعاونا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان " المائدة 2 0
فحياة الوطن وارتقاؤه لا تكون بالاتحاد لكل المقيمين فيه لأنهم في أرض الوطن سواء ، وخيراته بينهم بلا استثناء قال رسول الله : ( يد الله مع الجماعة والشيطان مع من يخالف الجماعة ) 0
وفي خطبة عمر المشهورة التي خطبها في الجابية ( عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة فإن الشيطان مع الواحد وهو مع الاثنين أبعد )
وفيها أيضا من أراد بحبوحة الجنة فيلزم الجماعة كيف لا والتفرق يؤدي حتماً إلى النزاع وتفكك الرابطة واختلاف الكلمة ونتيجة الخذلان والاضمحلال قال تعالى " وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين " 0الأنفال 46 0
فالاختلاف يؤدي إلى الهلكة قال رسول الله : ( لا تختلفوا فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا )
وما ذاك إلا لأن التنازع والاختلاف وسيلة في تمكين العدو من الوقيعة بالمتنازعين فالتنازع منكل شئ مجلـبة الفساد وداعية الدمار 0
أيها الأخوة المسلمون :
بالوحدة نشعر بالقوة لتحقيق ما نرجوه من تقدم وعزة ورخاء ، وليس هناك أقوى من تحقيق الوحدة الإسلامية من وحدة الآلام ووحدة الآلام ، فوحدة الآمال تحرك الشعوب إلى العمل لأن المسلم إذا وضع الأمل أمام عينيه عز عليه أن يكون واقعاً بمنأى عنه ودون أ يسعى إلى تحقيقه ، أم وحدة الآلام فهي واقع يتفاعل في قلوب المسلمين جميعاً وفي قلوب أبناء الوطن حين يرون أعاصير الفتنة والفرقة وشق عصا الطاعة تهب على الوطن تحاول النيل منه ووحدته وأمنه واستقراره 0
أيها الأخوة المسلمون :
فلنثبت في القلوب عقيدتنا ولنحصن بالعلم والإيمان أركان أمتنا ولنصن بالنفائس والنفوس وحدتنا ولنعد لتحقيق الحرية والكرامة عدتنا ولنجعل الصبر أو الشهادة والمحافظة على الوحدة غايتنا ولنمض في طريق النضال باذلين جهدنا وطاقتنا : " إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون " النحل 128 0
إن الله جل جلاله قد علّم عباده أن طريق الخير والفوز هو طريق الاجتماع والاتحاد بالصبغة الأساسية لأمتهم المؤمنة هي صبغة الوحدة ولألفة قال تعالى : " ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين " 0الأنفال 46.
إن المرحلة الحاسمة التي تمر بها أمتنا الآن وقد تكالبت علينا الأمم وأحاط بنا الأعداء من كل جانب تستوجب اعتصامنا بحبل ربنا وتمسكنا بأسباب وحدتنا واجتماعنا ، وإلا طمع فينا أعداؤنا وضاعت من أيدينا أوطاننا ومقدساتنا 0
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ..
ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة ..
الخطبة الثانية :
الحمد لله رب العالمين .. العز كل العز في طاعته والذل كل الذل في معصيته ، سبحانه يقول في كتابه الكريم " قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك ممن تشاء وتنزع الملك ممن تشاء بيدك الخير إنك على كل شئ قدير " آل عمران 26.
وأشهد أن محمد عبده ورسول اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين 0
أما بعد :
فيا أيها الأخوة المسلمون :
سؤال يطرح نفسه كيف نحافظ على وحدتنا ؟
أولا : الثقة المتبادلة بين القاعدة والقمة حتى نفوت الفرصة على المغرضين والمشككين وأن ثق في قيادتنا لأنها بحق تعمل جاهدة إلى ما فيه مصلحة أمتها ووطنها 0
ثانياً : أ يكون هناك حب وتكافل اجتماعي بين أفراد المجتمع لتعم الرحمة والمودة ويعم الخير على جميع أفراد الشعب 0
ثالثاً : العدل بين الناس على أسا الأخوة بين أبناء الوطن الواحد ولا تمايز بين أفراد الشعب على أساس أو اللون أو المهنة عملا بقول النبي : (كلكم لآدم وآدم من تراب لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى والعمل الصالح)
رابعاً : عدم الاستجابة أو السماع لدعاة الفرقة أو لأصحاب الشائعات المغرضة التي من شأنها تفتيت أواصر هذا الشعب وروابطه العقائدية والاجتماعية 0
كذلك من أهم الضوابط التي تحافظ على وحدة المجتمع لزوم الجماعة والسمع والطاعة لولي الأمر فقد حذر الني من شق عصا الطاعة فقال : ( من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة الجاهلية ) ، ولأن الخروج عن الجماعة يؤدي إلى الفتنة وهي أخطر شيء على وحدة المجتمع وتماسكه لقول النبي : ( الفتنة نائمة لعن الله من أيقضها ) والفتنة في بدايتها قد تكون حريقاً بسيطاً ولكن في النهاية يصعب على المجتمع احتوائها 0
خامساً : الحذر من الترويج للأفكار الرجعية التي تعود بالأمة والوطن إلى الوراء وأن ديننا يأمرنا وجوباً بالتماسك والاتحاد ويحذر بحزم وحسم على مسألة التفرق أو العمل عليها فقال تعالى : " أولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعدد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم " آل عمران 105 ، ولا تأتي هذه العقوبة الصارمة إلا عندما لا يستجيب المسلمون لأمر ربهم 00
روى مسلم أن النبي قال : ( إن الله يحب لكم ثلاثاً : يحب لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً ، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تتفرقوا ، وأن تُناصحوا من وّلاه الله أمركم ويكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال ، وإضاعة المال )
اللهم أحفظنا بعينك التي لا تنام واحرسنا بركنك الذي لا يرام اللهم لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته ولا هماً إلا فرجته ، ولا ديناً إلا قضيته ، اللهم قوي وحدتنا ووحدة صفوفنا ، ونق قلوبنا من النفاق والخداع والأحقاد يا رب العالمين ، اللهم اقض على الفتنة بفضل منك وحول منك يا رب العالمين ، اللهم اصلح أحوال الراعي والرعية ، ووفق رئيس الجمهورية اللهم أيده بالحق وأيد الحق به ي ارب العلمين ، اللهم أحفظ اليمن وسائر بلاد المسلمين من كل سؤ ومكروه والفوز في القضاء ، والنصر على الأعداء يا رب العلمين ، اللهم حببنا في ديننا وأوطاننا وفي إخواننا واجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هادهم الله وأولئك هم أولو الألباب 0
عباد الله : إن الله يأمر بثلاث وينهي عن ثلاث : " يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون " 00